الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

النبي صلى الله عليه وسلم والبيئة

النبي صلى الله عليه وسلم والبيئة

النبي صلى الله عليه وسلم والبيئة

لا شك أن البيئة التي نعيش عليها من نعم الله عز وجل التي سخرها لنا، قال الله تعالى : { وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ * وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ * لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ }(يّـس: :33 : 35) ..

وقد خلق الله ـ عز وجل ـ الأرض على أحسن حال وجعلها تفي بحاجات البشرية، وأي نقص أو خلل يصيبها فهو بفعل الناس ، قال الله تعالى : { ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }(الروم:41) ..
وفي سُنَّة وهدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ آداب ، يراعيها المسلم في تعامله مع البيئة المحيطة به ويعيش فيها ، وذلك للمحافظة عليها ..

الماء والهواء :
كل أمر يلوث البيئة من حولنا سواء كان يتعلق بالماء أو الهواء أو المنظر العام فهو مخالف لهدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ..
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : ( اتقوا اللعانين ، قالوا : وما اللعانان يا رسول الله؟، قال : الذي يتخلى (يتغوط) في طريق الناس أو في ظلهم )( مسلم ) .
وعن معاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( اتقوا الملاعن الثلاثة : البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل )( أبو داود ) .

ومن المعلوم أن الماء قوام الحياة ، قال الله تعالى : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ * يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }(النحل10: 11) ..
ولذلك كانت دعوة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ واضحة في المحافظة عليه ونظافته ، ونهيه عن الإسراف في استعماله حتى في الطهارة والوضوء..
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه )( البخاري ) .
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : (جاء أعرابي إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يسأله عن الوضوء ، فأراه ثلاثا ، ثلاثا ، قال : هذا الوضوء ، فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم )( أحمد ) .

أما بالنسبة لتلويث الهواء بأي نوع من أنواع التلوث البيئي الذي يؤدي إلى إيذاء فاعله أو غيره، فذلك غير جائز ومنهي عنه ، ويدخل تحت قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( لا ضرر، ولا ضرار )( أحمد ) .

التشجير :
حَثَّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على غَرْسِ الأشجار والنخيل لأن فيها ثماراً وجمَالاً ، ويستظل بها ويأكل منها الإنسان والطير والحيوان ، ومن ثم فله بذلك أجر من الله عز وجل ..
عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال : قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( ما من مسلم يغرس غرسا، أو يزرع زرعا، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة )(البخاري) .
وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة(نخلة صغيرة) فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل )( أحمد ).
قال النووي : " .. في هذه الأحاديث فضيلة الغرس وفضيلة الزرع ، وأن أجر فاعلي ذلك مستمر مادام الغراس والزرع وما تولد منه إلى يوم القيامة .. " .
وعن جابر ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : ( من أحيا أرضا ميتة فله فيها أجر)( أحمد ) .

غير أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمر بقطع الأشجار المعترضة طريق الناس وتؤذيهم ، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( لقد رأيت رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذى الناس )( مسلم ) .

الطريق :
إماطة الأذى من الطريق العام ، وتطهير ونظافة الأفنية ، لون من ألوان المحافظة على البيئة في هدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ..
عن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : ( عُرِضت عليَّ أعمال أمتي حسنها وسيئها ، فوجدت من محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق ، ووجدت من مساوئ أعمالها النخاعة تكون في المسجد لا تُدْفَن )( البخاري ) .
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( كان على الطريق غصن شجرة يؤذي الناس فأماطها رجل فأُدْخِل الجنة )( أحمد ).
وعن سعد ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( طهروا أفنيتكم فإن اليهود لا تطهر أفنيتها )( الطبراني ).

تعد قضية تلوث البيئة من التحديات الحضارية والصحية لأي مجتمع ، وقد حافظ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بهديه وتعاليمه على نظافة البيئة وحمايتها ، وجعل ذلك مسؤولية كل فرد من أفراد المجتمع المسلم ، حتى يعيش الناس في بيئة صحية ، جميلة المظهر، خالية من الأوبئة والأمراض ..

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة