الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التّداوي بالدّعاء

التّداوي بالدّعاء

التّداوي بالدّعاء

عن أمّ المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم إِذَا اشْتَكَى مِنَّا إِنْسَانٌ مَسَحَهُ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ قَالَ: (أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا) رواه مسلم بهذا اللفظ، وله ألفاظ أخرى متفق عليها.

ينبغي أن يعتقد المسلم اعتقادًا جازمًا أن الشافي هو الله عز وجل، قال الله تعالى على لسان نبيّنا إبراهيم عليه الصّلاة والسلام في معرِض وصفه لربِّ العالمين: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} (الشعراء: 80)، فهي صفة جليلة عظيمة من صفاته عزّ وجلّ، وقد كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حريصًا على زرع هذا المعنى العظيم في نفوس المؤمنين، فكان من سُنَّته أن يدعو الله تعالى بأدعية مختلفة حال المرض، يطلب بها الشفاء منه سبحانه وتعالى، ولم يكن هذا يعني أنه لا يهتمُّ بالتّداوي أو يحرص عليه، وإنما كان يهدف إلى تصحيح عقيدة المسلم، فالدواء لن يُحَقِّق الشفاء إلا بإذن الله عزّ وجلّ، والدعاء الذي عَلَّمنا إيّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وسيلة عمليَّة من وسائل العلاج.

وقد وَرَدَ ما يؤكد هذه السُّنّة العظيمة النّافعة في حديث عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم وَجَعًا يَجِدُهُ فِي جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ وَقُلْ: بِاسْمِ اللهِ، ثَلاَثًا، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّات: أَعُوذُ بِاللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ) رواه مسلم.

وعن عائشة رضي الله عنها أيضا: أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم كان إذا اشتكى الإنسان الشّيء منه، أو كانت به قرحة، أو جرح، قال النّبي صلّى الله عليه وسلّم بأصبعه هكذا، -ووضع سفيان بن عيينة راوي الحديث سبّابته بالأرض ثم رفعها-، وقال: (باسم الله، تربة أرضنا، بريقة بعضنا، يُشفى سقيمنا، بإذن ربنا) متفق عليه.

فهذه الأحاديث العظيمة غفل عنها كثير من النّاس، لاسيما الأطباء والمشتغلون بمعالجة النّاس، فإنّ المريض قد يعاني أمدًا طويلًا، ويجرِّب صنوف الأدوية وطرق العلاج، ثم قد لا يخرج بكبير طائل، وأمّا هذا العلاج النّبوي بالدّعاء فإنّه مضمون النّتيجة والعاقبة، كما أخبر الّذي لا ينطق الهوى.

فلنحرص على حفظ هذه الأدعية المباركة والتّداوي بها، مع الاعتقاد أن الشّفاء فيها، وحثّ النّاس عليها، حتى ننال ما يترتب عليها من شفاء وعافية وراحة، وحتى ننال أجر إحياء سنّة من سنن المصطفى صلوات ربّي وسلامه عليه.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة