الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

للذين لاتعجبهم مقاطعة الدنمارك

للذين لاتعجبهم مقاطعة الدنمارك

للذين لاتعجبهم مقاطعة الدنمارك

شهدت أروقة هيئة الأمم المتحدة منذ أيام (27 يناير الماضى) أول احتفال تقيمه الهيئة الدولية بمناسبة اليـوم العالمى لإحياء ذكرى ضحايـا محرقـة اليهـود (الهولوكوست) فى معسكرات الاعتقال النازية عام 1944، حيث شاركت فى الاحتفال حوالى 2000 شخصية من ممثلى الدول الأعضاء فى المنظمة وعدد من اليهود الناجين من المحرقة (بزعمهم) وممثلون عن كثير من المنظمات، وكانت جمعية الأمم المتحدة العامة فى دورتها الحالية اعتمدت قرارا بالإجماع فى نوفمبرالماضى لاعتبار يوم السابع والعشرين من شهر يناير من كل عام يوما عالميا لإحياء ضحايا المحرقة، ورفض قرار الجمعية العامة أى نكران لحدوث المحرقة، معتبرا إياها حدثا تاريخيا .

وفى إحياء الذكرى الأولى لليوم العالمى لضحايا الهولوكوست، تنظم دائرة الأمم المتحدة للإعلام مجموعة من النشاطات من بينها عقد الندوات لمناقشة المحرقة وتنظيم أمسيات لإضاءة الشموع من أجل الضحايا، وتستضيف دائرة الإعلام معرضا عن ضحايا المحرقة استعارته من المتحف الإسرائيلى التاريخى عن الهولوكوست .

جهد صهيوني دؤوب
تلك هى ذروة جهد صهيونى مكثف ودؤوب لإرغام العالم كله دولا وشعوبا ومنظمات وأفرادا، على الإقرار بمآسيهم والاحترام لمشاعرهم، والاعتذار والتعويض عن أقل أذى يوجه إليهم ولو كان كلمة عابرة .

ويدهش أى دارس للحركة الصهيونية التى لايزيد عمرها عن أكثر من 150 عاما وكذلك الدولة الصهيونية، من عدد المنظمات والمراكز التى أنشأتها الحركة والدولة لهذا الغرض فى مختلف أنحاء العالم والتمويل والدعم الذى توفر لها، والسطوة والنفوذ الذى نجحت فى تأسيسه، حتى استطاعت تركيع أوروبا كلها اعترافا بالذنب وتقديما لأكبر التعويضات، ومسارعة للتأييد والدعم العسكرى والمالى والسياسى للدولة العبرية،، بل لقد استطاعت عبر ضغوط هائلة إرغام الفاتيكان على إلغاء جزء أساسى من عقيدة المسيحيين التى تحمل كل أجيال اليهود ذنب مايزعمونه من صلب السيد المسيح عليه السلام .

لقد كان "اليهودى" فى التراث الأوروبى ـ ولقرون عديدة ـ رمزا لأبشع الصفات، وهدفا لكل نفور واحتقار، لكن المنظمات الصهيونية استطاعت إرغام أوروبا كلها على إيقاف كل ذلك بل وتجريم فاعله، وتنقية مناهجهم الدراسية ولغة خطابهم اليومية، بل أجبروهم على تغيير قواميس لغاتهم والغاء ما يحقر اليهودى أو يصمه بفاحش الصفات، وتوجد اليوم منظمات صهيونية، ترصد كل حرف يكتب أو برنامج إذاعى أو تليفزيونى يبث أو كتاب يصدر، حتى لايكون فى أى من ذلك مايمس اليهود أو الصهيونية، حتى إن الأوروبى أو الأمريكى ليستطيع اليوم، أن ينكر وجود الله أو يطعن فى الدين ويستعلن بالإلحاد، لكنه لايستطيع أن يمس قدسية المحرقة ( الهولوكوست ) ولا أن ينكر أيا من تفاصيلها دون التعرض لعقوبات وملاحقات تدمر حياته .

بين الصهيونية والإسلام
وليس بخاف على أحد أن تعرض أى رئيس أو زعيم لليهود أو نقده لما يتعلق بهم، كما فعل رئيس وزراء ماليزيا السابق مهاتير محمد والرئيس الإيرانى محمود أحمد نجاد، أو تهجم وسيلة إعلامية على الصهيونية أو مقتل إسرائيليين، فإن ذلك يستجلب على الفور سخطا وتنديدا عالميا يبدا بالرئيس الأمريكى بوش والخارجية الأمريكية وينتهى بأصغر دول أوروبية، أما إذا حدث ذلك ضد الإسلام والمسلمين فإن أحدا من هؤلاء لا يتحرك ولا ينطق ولا يلقى لذلك بالا على الإطلاق، وإذا فعل اليهود كل ذلك كما قال حاخام إسرائيلى: "إن العرب أفاعى وجراثيم تجب إبادتهم"، أو كما طالب عضو الكنيست الإسرائيلى إيفى إيتام بضرورة تصفية كل ممثلى حماس فى البرلمان الفلسطينى، فأن أحدا من المسؤولين الأمريكيين أو الأوروبيين لا يستنكر ولا يحتج!؟ بل ها هى المجازر الدموية التى تحصد الفلسطينيين صباح مساء، وفرق الاغتيالات وتدمير البيوت واجتياح المدن وتعذيب الآلاف من المعتقلين فى السجون الإسرائيلية لا نسمع ضدها أى احتجاج سوى أن على الفلسطينيين نزع سلاح المقاومين وإيقاف الإرهاب !؟ .

ما لم يستطعه المسلمون
هذا مايفعله 12 مليون يهودى ولا يستطيعه 1200 مليون مسلم، أسوقه للأخوة الذين لم يرق لهم قيام الناس فى مختلف أنحاء العالم العربى والإسلامى بمقاطعة المنتجات الدنماركية والنرويجية، كرد فعل طبيعى لاستيائهم من التهجم البذىء الفاحش على نبى الهدى والرحمة صلوات الله وسلامه عليه، فكيف يكون رأى هؤلاء الأخوة لو تبنت الحكومات لهذه المقاطعة ولو سحبت سفراءها كما فعلت المملكة العربية السعودية وبعض الدول الأخرى؟

لقد حاول السفراء العرب والمسلمون فى كوبنهاجن علاج الأمر مع رئيس وزراء الدنمارك فرفض استقبالهم ولا يزال مصرا على عدم الاعتذار عما حدث، وحاول مسلمو الدنمارك لعدة شهور علاج الأمر فلم يستمع إليهم أحد، فهل نستكثر على الأمة حقها حتى فى أقل ردود الفعل ضد هذا العمل الشنيع بأن تذب عن نبيها ولو بمجرد المقاطعة؟!.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كاتب و صحافي سعودي

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة

لا يوجد مواد ذات صلة