![]() ![]() في ظلال قوله تعالى ( هدى للمتقين )2015-11-29 19:17:57| الشبكة الإسلامية
كانت التقوى تمثل أول المفاهيم الكبرى، والأصول العظمى في القرآن الكريم حسب الترتيب المصحفي، فقد وردت في سورة البقرة في قوله تعالى {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ } [البقرة:2]، ولم يأت قبلها من المفاهيم الدينية العبادية إلا مفهوم العبادة، والاستعانة المذكورتين في سورة الفاتحة في الآية الخامسة منها، ومن أسباب ذلك أن العبادة وسيلة لهدف عظيم هو التقوى كما قال تعالى {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:21]، والتقوى كما هي هدف فهي وسيلة في ذاتها إلى غايتين عظيمتين يمثلان قمة طموحات الإنسان هما: مرتبة الشكركما قال تعالى {فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [آل عمران:123]. ومرتبة الفلاح التي تعني تحقيق أعظم الإنجازات والمطلوبات الحياتية، ويدل لذلك قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [البقرة: 189]. من هم المتقون؟ قلوبــهم طــهر يفيض على الورى وأيديــهم تأسو جــراح الخــــوافـق وهذا الوصف لهؤلاء السادة النبلاء (المتقون) أخذ من كلمة التقوى، والتقوى أتت من الوقاية، والوقاية هي أن تجعل بينك وبين الشيء وقاية كما قال الشاعر: فألقت قناعا دونه الشمس واتقت بأحسن موصولين كف ومعصم والوقاية فرط الصيانة، فالمتقون هم الذين بينهم الحسن بقوله: (اتقوا ما حرم عليهم، وأدوا ما افترض عليهم)، ومع ذلك ينبغي أن يتقى الوقوع في المشتبهات فقد روى الترمذي عن عطية السعدي وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ((لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا لما به البأس))، وأصل صفات التقوى الخشية لأن من يخشى يتقى أن يقع فيما يخشى منه، وروى عن علي بن أبي طالب: التقوى ترك الإِصرار على المعصية، وترك الاغترار بالطاعة، وقيل: التقوى أن تزين سرك للحق كما زينت ظاهرك للخلق، ومن أجمل تعاريف التقوى ما ورد أن عمر بن الخطاب سأل أبي بن كعب عن التقوى فقال: أما سلكت طريقاً ذا شوك؟ قال: بلى. قال: فما عملت؟ قال: شمرت واجتهدت- يعني اتقيت أن أدوس بقدمي ذلك الشوك- فقال: فتلك التقوى أي أن تجتهد أن تتقي ما يضرك، وتطلب ما ينفعك، وعلى هذا قال الشاعر:
واصنع كماشٍ فوق أرض الشوك يحذر ما يرى
الجواب: ليجعلها بذلك أهم أهداف السامعين؟ لأنها أعظم المقامات التي يصل إليها الإنسان بعد مقام العبودية المذكورة في سورة الفاتحة، ولذا روى ابن ماجة عن أبي أمامةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان قول: ((ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيرا له من زوجة صالحة، إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غَاب عنها نصحته في نفسها وماله)). 1431 هـ©Islamweb.netجميع حقوق النشر محفوظة
|